02 - 04 - 2025

ضوء | نجيب الريحاني

ضوء | نجيب الريحاني

نجيب إلياس ريحانة، المولود في 21 يناير 1889 في باب الشعرية لأب مسيحي، من أصل عراقي كلداني من الموصل، وكان يعمل بتجارة الخيل واستقر به المقام في القاهرة، وتزوج من مصرية قبطية، أنجب منها ثلاثة أبناء، ومنهم نجيب، الذي عاش بين الطبقة الشعبية، مع أن وضع أسرته الاجتماعي فوق المتوسط، حيث ألحقه أبوه بمدرسة الفرير الفرنسية، وبدأ انطوائيًا ثم ظهر ميله للسخرية، وكان من أشد المُعجبين بالمُتنبي وأبي العلاء المعرِّي، وعندما حصل على البكالوريا، كان والده قد تدهورت تجارته، فقرر البحث عن عمل ليعين به أسرته، فالتحق بوظيفة كاتب حسابات بشركة السكر بنجع حمادي بالصعيد. وكان لِتجربته هذه أثرٌ على العديد من مسرحياته وأفلامه، وفي أواخر القرن العشرين، أسس مع صديق عُمره بديع خيري، فرقةً مسرحيَّة، عملت على نقل الكثير من المسرحيَّات الكوميديَّة الفرنسيَّة إلى اللُغة العربيَّة، وعُرضت على مُختلف المسارح في مصر وأقطار الوطن العربي، قبل أن يُحوَّل قسمٌ منها إلى أفلامٍ سينمائيَّة، مع بداية الإنتاج السينمائي في مصر.

تزوَّج الريحاني امرأةً لُبنانيَّة (بديعة مصابني)، تعرَّف إليها أثناء إحدى عُروضه في لُبنان، واصطحبها معهُ إلى مصر حيثُ افتتحت ملهىً خاصًا اشتهر باسمها، كما أسست فرقتها المسرحيَّة الخاصَّة، والتي شجعت العديد من المواهب في مصر، وأهمهم الفنان العبقري فريد الأطرش.

وبعد انفصال الريحاني عن بديعة، اقترن بامرأةٍ ألمانيَّة هي لوسي دي فرناي، وأنجب منها ابنته الوحيدة. أُصيب الريحاني في أواخر أيَّامه بِمرض التيفوئيد، الذي أثَّر سلبًا على صحَّته، وفي يوم 8 يونيو 1949، المُوافق 12 شعبان 1368هـ، تُوفي الريحاني في المُستشفى اليُوناني بِحي العبَّاسيَّة بِالقاهرة، ولمَّ يختتم تصوير آخر أفلامه، غزل البنات، وكان لهُ من العُمر ٥٩ سنة. وللريحاني أفلام قليلة لكنها تركت أثراً كبيرًا في السينما، وهي:

صاحب السعادة كشكش بيه 1931،حوادث كشكش بك 1934، ياقوت 1934، بسلامته عايز يتجوز 1936، سلامة فى خير 1937، سي عمر 1941، لعبة الست 1946، أحمر شفايف 1946، ابو حلموس 1947، غزل البنات 1949.

واستعرض على عجالة، فكرة أربعة أفلام رائعة، هي: لعبة الست، الذي يلعب الريحاني دور الزوج المخلص المحب، الذي يتعرض للمهانة والعذاب، بسبب رغبة الأم وابنتها في الوصول إلى الحياة الرغيدة، ولا مانع لديهم من الغش والخداع في سبيل تحقيق مرادهم.

وفيلم غزل البنات، وفكرته الأساسية أيضا تدور حول الخداع وتأثيره على النساء، وفيلم سي عمر، الذي يدور أيضا حول دور الفساد والسرقة والتزوير، في خراب الأرض، حينما يكون المأمور والحكمندار سابقاً، (محمد المصري) شرفنطح، بطل الفساد والتزوير، حتى يصبح الحرامية، القصري (الساطور)، ورفيقه عبدالعزيز أحمد ( كوارع)، بالنسبة له، أطفال يلعبون في السرقة والبلطجة، فكرة الفيلم أساساً تدور حول الفساد الذي يمتد من الأعلى إلى الأسفل، وحتى المهراجا، مصري كاذب ومزور وليس هندياً، كما يدّعي، وحينما نرى المزارعين الذين تعودوا على التزوير، يخافون من التستر عليه، بعدما استلم قيادة العزبة والتي تمثل (مصر أو أي قطر عربي)، إنسان نزيه، هو سي عمر الأمين الصادق، ليحل محل شرفنطح الحكمدار المزور اللص الكبير، والفيلم يستعرض أيضا الأهوال التي يتعرض لها الإنسان النزيه، حيث تأتيه المصايب والتهم من حيث لا يعلم، وفي نهاية الفيلم ينال كل شخص جزاءه.

أما فيلم سلامة في خير، فإن الفكرة الأساسية تدور حول المظاهر وفعلها وتأثيرها، والفكرة الأخرى التي يطرحها الفيلم الأمانة، فالفرّاش الأول الذي يمثل دوره الريحاني، إنسان بسيط صادق يخاف على الأمانة من السرقة، ومن شدة خوفه يعرض نفسه للأخطار والهوان.

ترك نجيب الريحاني بصمةً كبيرةً على السينما والمسرح، حتَّى لُقِّب بِزعيم المسرح الفُكاهي، في مصر وسائر الوطن العربي، ويرجع إليه الفضل في تطوير المسرح والفن الكوميدي في مصر، وربطه بالواقع والحياة اليوميَّة، ومن أعماله: تعاليلي يا بطة

الريال 1917

كشكش بيه في باريس، حمار وحلاوة، على كيفك

العشرة الطيبة 1920، أيام العز، لو كنت ملك،

مملكة الحب، الجنية المصرى 1931، الدنيا لما تضحك 1934، حكم قراقوش 1936، قسمتي 1936، لو كنت حليوة 1938، الدلوعة 1939،

30 يوم في السجن، الستات ميعرفوش يكذبوا، إلا خمس 1943، حسن ومرقص وكوهين 1945، خلي بالك من أبليس، ريا وسكينة، الدنيا على كف عفريت.

لعب الريحانى دور المدرس البائس الساخر سيء الحظ، الذي يواجه ويسخر من أوجه الزيف والفساد والمظاهر الجوفاء فى المجتمع.

وأظهر تأثير المال على الفرد والجماعات، حين يُسمح له بأن يفسد الضمائر وينتهك الأخلاق والمبادئ. وشن الريحاني هجومًا عنيفاً على مظاهر الفساد فى المجتمع.

وكل مسرحياته تحولت بعد رحيله إلى أفلام ومسرحيات، وأكثر من قدمها بعنوانين مختلفة الفنان فؤاد المهندس.

ما أروعك أيها النجيب اسم على مسمى، عبقري السينما العربية ورائد المسرح العربي.

يرحمك الله أيها المبدع الجميل.
--------------------------
بقلم: د أنيسة فخرو
سفيرة السلام والنوايا الحسنة
المنظمة الأوروبية للتنمية والسلام


مقالات اخرى للكاتب

صرخة فلسطين-11-11-23